السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
0000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000
النوبة التاريخ و الانسان
[aتقع بلاد النوبة الحالية على ضفتي نهر النيل بين مدينة اسوان جنوبي مصر ومدينة الدبة في شمال السودان. وتحدها شرقا الصحراء النوبية وغربا الصحراء الكبرى.
بلاد النوبة القديمة كانت تمتد من شمال مدينة اسوان في مصر إلى منطقة سنار وأعالي النيل الأزرق جنوبا ومن الحبشة شرقا إلى كردفان ودارفور الحالية غربا.
سكان النوبة يعرفون من قديم الزمان بالنوبيين . ويسكنون في بلاد النوبة على ضفاف النيل الخالد جنوب مصر وشمال السودان.
انصهربعض النوبيين في القبائل العربية التي هاجرت من الجزيرة العربية واستقرت في السودان. كما اندمج آخرون مع القبائل الافريقية. ولا زالت الدماء النوبية تجري في عروقهم غير أنهم نسوا لسانهم النوبي أي لغتهم النوبية.
يعيش كثير من النوبيين ايضا حول الخرطوم في توتي وبري وشمبات وبحري والحلفايا ومنطقة الجيلي وفي كثير من قرى الجزيرة والنيل الأزرق والنيل الأبيض وكسلا ، غير أنهم نسوا لغتهم النوبية ويتحدثون العربية!
هنالك بعض الدلائل على وجود علاقة ولاسيما في اللغة بين النوبيين والنوباويين فى جبال النوبه فى السودان، ولا زالت الدراسات جارية بواسطة العلماء والمختصين لمعرفة العلاقة بصورة أوضح.
عندما تم بناء السد العالي في مصر ، غرقت بلاد النوبة المصرية كلها كما غرقت منطقة حلفا والمنطقة المجاورة لها عام 1964م فاضطر النوبيون للهجرة. وقد أعيد توطين النوبيين في مصر في منطقة كوم امبو شمال اسوان وسميت المنطقة بالنوبة الجديدة ،
بينما تم توطين أهالي منطقة وادي حلفا في منطقة خشم القربة بشرق السودان وسميت المنطقة باسم حلفا الجديدة.
يبلغ طول المنطقة النوبية التي غرقت حوالى 500 كيلومتر منها نحو 350 كيلو متر داخل الحدود المصرية و150 كيلو متر داخل الحدود السودانية. وعدد القرى الغريقة 44 قرية في النوبة المصرية و27 قرية في النوبة السودانية بما في ذلك مدينة وادي حلفا العريقة ، وكانت حلفا من أجمل مدن السودان.
البحيرة: تعرف ببحيرة النوبة في السودان وتعرف ببحيرة ناصر في مصر على اسم الرئيس جمال عبد الناصر الذي تم بناء السد العالي في عهده.
[ينتمي شعب وادي النيل في مصر إلى مصرايم وشعوب النوبة والقرن الأفريقي ( الصومال والحبشة ) إلى كوش ,وكلاهما من حام بن نوح عليه السلام, بينماينتمى سكان غرب أسيا إلى سام بن نوح عليه السلام ,
أما بلاد النوبة في مصر وشمال السودان فقد سميت بأرض كوش ( kush ) نسبة إلى كوش بن حام بن نوح علية السلام ولما أشتهرت بلاد النوبة فيما بعد وفى زمن الاسرات الأخيرة من حكم الفراعنة بإستكشاف
مناجم كثيرة للذهب حيث تتوافر عروق المرو الحاملة لخام الذهب على جانبي مجرى النهر في منطقة بطن الجبل فيما بين حلفا وعكاشة والذي يسهل استخراجها ونقلها عن طريق النهر نحو مصر وأيضا حول وادي العلاقى
ومرتفعات البحر الأحمر لانتشار التكوينات الصخرية الحاملة لها ,لذا فقد سماها المصريون بلاد الذهب ( Nub ) والتي تعنى ذهبا باللغتين النوبية والمصرية القديمة .
تاريخ النوبة فى العصرالحديث
[يبدأ تاريخ النوبة الحديث مع غزو العثمانيين لمصر عام 1751م بعد الانتصار الذي أحرزه السلطان سليم الأول على المماليك فى موقعة الريدانية ، وبانتهاء حكم المماليك خضعت مصر ومعها النوبة للحكم العثماني ،
وقد عين سليم الأول حكاما على النوبة أقاموا الحصون في أسوان وابريم وجزيرة صاى وغيرها من المواقع ووضع فيها حاميات من جنود البوسنة ومن سلالة هؤلاء لا يزال يوجد بعض النوبيين الذين يتميزون ببشرتهم البيضاء
مع ضعف الحكم العثماني خاصة فى القرن الثامن عشر الميلادي زاد نفوذ المماليك الذين كانوا حكاما للأقاليم(سناجق) فى العصر العثماني وكانوا حكاما للبلاد قبل مجيء العثمانيين وأعرف الناس بشئونها فآلت إليهم أمور
الحكم ومع تطلع هؤلاء الى السيطرة عانت النوبة مما عانته مصر من اضطراب نتيجة الصراع بين امراء المماليك بعضهم البعض من ناحية وبينهم وبين السلطة العثمانية من ناحية أخرى خاصة فى منتصف القرن الثامن عشر فى الفترة
التي سيطر فيها على مصر إبراهيم بك ومراد بك (1775ـ1798.واستمر ذلك الاضطراب والنزاع بين زعماء المماليك على الحكم حتى كانت حملة نابليون بونابرت على مصر عام 1798م.
فتحت الحملة الفرنسية على مصر صفحة جديدة فى تاريخ مصر والنوبة وأفريقيا بصفة عامة0فقد كانت أول حملة أوروبية على العالمين العربي والإسلامي فى العصر الحديث وجاءت بعلمائها المزودين بكل ما يحتاجه البحث العلمي من كتب
وآلات علمية وأدوات. وقد حرصوا فى بحوثهم ودراساتهم على كشف النقاب عن تاريخ وآثار البلاد التى وقعت فى قبضتهم ،وبحثوا فى مناخها وطبيعتها وحيواناتها وأجناسها وعادات أهلها.وقد زار علماء الحملة الفرنسية صعيد مصر وبلاد النوبة
وجاءت دراستهم فى كتاب وصف مصر الذي انتهى العمل فيه عام 1822م وتضمن دراسة النوبة والنوبيين وضعها العالم الفرنسي (كوستاز)تحدث فيها عن موقع بلاد النوبة الذي حدده بين مصر ومملكة سنار،وتَحدث عن سكانها وميزهم عمن جاورهم من شعوب
سواء مصر في الشمال وزنوج سنار في الجنوب والقبائل المتجولة حولهم في الصحراوات الواقعة شرق النيل وغربه ،وقد وصف الشلال عند أسوان بأنه ليس شلالا لعدم وجود مساقط مائيه كثيرة ووصف وسائل انتقال النوبيين وتجارتهم مع مصر التى كانت تعتمد
على المقايضة كما ذكر خضوع النوبة للسيطرة العثمانية وكان النوبيون يؤدون للسلطان ضريبة من التمور والرقيق الذين كانوا يشترونهم من قوافل سنار وكانوا لا يسترقون مطلقا رجالا من أبناء جلدتهم ووصف طبائع النوبيين ومعيشتهم السلمية مع
من جاورهم ولطافة معشرهم واستقامتهم ووصفهم بالأمانة والإخلاص وتمسكهم الشديد بالدين الإسلامي مما جعلهم محلا للثقة وتحدث عن ملابسهم وعاداتهم ولغتهم وقارن بينها وبين العربية ، غير أنه لم يجمع عن لغتهم المعلومات الكافية كي يقارن بينها وبين
اللغات واللهجات الأفريقية الأخرى . وأهمية هذه الدراسة فى كتاب وصف مصر تمكن فى إنها ألقت الضوء للقارئ الأوروبىعلى بلاد النوبة التى كانت مجهولة بالنسبة لهم.
تتابع المسكتشفون والرحالة الى بلاد النوبة بعد الحملة الفرنسية ، ومن الدراسات الهامة تلك التى كتبها الرحالة السويسري بوخارتBurchardt بعنوان Travels in nubia والتي نشرت فى لندن سنة1819م بعد أن جاء الى مصر عام1812م .وترجع أهمية الدراسة
فى انها تعطى صورة صادقة الى حد كبير عن المجتمع النوبي وعن حياة العبابدة والبشارية فى أوائل القرن الماضي ووصف بوخارت كثيرا من آثار النوبة ومعابدها وتحدث عن أصل النوبيين وأحوال معيشتهم وأوضحت دراسته الكثير مما كان غامضا آنذاك عن النوبة
[وعندما وثب محمد على على سدة الحكم فى مصر عام 1805م تطلع الى فتح السودان فدخلت النوبة وسنار وكردفان فى حوزة مصر فيما بين 1820 _ 1823 . ويذكر المؤرخون دوافع عدة لفتح النوبة والسودان منها رغبة محمد على فى تجنيد النوبيين والسودانيين فى الجيش المصري النظامي
لما اشتهروا من الشجاعة والصبر والطاعة ورغبته فى التخلص من الفرق الباقية من غزوته لجزيرة العرب،وكذلك رغبته فى القضاء نهائيا على المماليك الذين لجأوا الى النوبة بعد مذبحة القلعة فضلا عن رغبته فى الاستحواذ على ذهب النوبة.وقد تقدم بنفسه عام1815 على رأس الجيش
الذي وصل الى دنقلة وقضى على فلول المماليك بها وأعلنت بلاد النوبة ولائها للحكم المصري .وزار محمد على النوبة مرة أخرى فى أكتوبر 1838م وحقق الفتح المصري فى بلاد النوبة والصعيد ونظر المصريون للسودان والنوبة كجزء لا يتجزا من مصر ووصلت حدود مصر الجنوبية الى جزيرة صاى.
بعد حروب محمد على مع السلطان العثماني وتدخل الدول الأوروبية الكبرى الذي انتهى بتسوية لندن المعروفة1840 وفرمان فبراير1841 وتأكيد اعتبار مصر ولاية تابعة للسلطان العثماني،ظل شطرالوادى الجنوبي مثل شطره الشمالي مقاطعة من مقاطعات الدولة العثمانية.
وعانت بلاد النوبة والسودان من تلك التسوية باعتبارهما ملحقات لمصر،وجاء الى بلاد النوبة الرحالة والمستكشفون والتجار والمغامرون من الأجانب للانتفاع بالمزايا التى كفلتها لهم تلك التسوية،فجاء المستكشفون مع حملة إسماعيل بن محمد على وجاء التجار لاقتناص الرقيق وجمع العاج والتربح منه.
عندما اشتعلت نيران الثورة المهدية فى السودان قدر لبلاد النوبة أن تكون ميدانا للمعارك بين جيوش الدراويش من اتباع الثورة وبين الجيش المصري الذي أرسل لاسترجاع السودان تحت قيادة ضباط إنجليز .فانتهت الحملة بموقعة توشكى فى أغسطس1889 ، وتشتت جيش الدراويش وسعت إنجلترا الى استرجاع دنقلة وبقيت السودان ،
وانتهت الأمور بالاتفاق الثنائي بين الحكومتين المصرية والإنجليزية فى 19يناير ،وهو الاتفاق الذي أضر بوحدة السودان ومصر معا،حيث انفردت إنجلترا فى الواقع بحكم السودان لتستغل مصادر الثروة فيه لمصلحتها الذاتية .وقد أضر الاتفاق كذلك بوحدة بلاد النوبة السياسية وقسمها الى قسمين رئيسيين :
النوبة السودانية(النوبة العليا)وتمتد داخل السودان،والنوبة المصرية (النوبةالسفلى)تمتدمن الحدود السودانية حتى أسوان هنا بالرغم من أن البلاد بقسميها تمثل وحدة جغرافية متميزة يسكنها شعب متماثل عرقيا وثقافيا واجتماعيا. فى عام 1907 أجريت أول تعلية لسد خزان أسوان ،وهو الأمر الذي
أفزع الكثيرين من علماء الآثار ولكن عوض تلك الخسارة القرار الذي اتخذته الحكومة المصرية بإرسال حملة لتسجيل الآثار والبحث عنها فى كل المواقع القديمة المهددة بالغرق وأجريت عمليات مسح أثرى منظم شارك فيه من علماء الآثار جورج جريزنر وسيسيل فيرث كما كلف ولتر ايمرى بعملية المسح المنظمة الثانية
حينما تقرر تعلية خزان أسوان للمرة الثانية عام 1929م وكانت المنطقة التى ستغمرها المياه حتى أدندان على حدود السودان مباشرة وعثر فى الثالث من نوفمبر عام 1931م فى أواخر عملية المسح على مدافن بلانة وقسطل ثم جاء بناء السد العالي على بعد حوالي سبعة كيلو مترات جنوب خزان أسوان وجنوب قرية
التنقار بكيلو متر فقط ،ووجهت منظمة اليونسكو حملة دولية فى 8مارس عام 1960 لإنقاذ آثار النوبة واستجابت الهيئات الدولية لتلك الحملة وتم إنقاذ معبدي فيلة وأبو سمبل وبقية معابد النوبة بعد أن غمرت بلاد النوبة القديمة تحت مياه البحيرة (بحيرة النوبة) وهجر سكانها الى الشمال فى مدينة كوم أمبو.
بعد أن كانت مسرحا لتاريخ مجيد وممالك عريقة
[النوبة صرح شامخ من الجمال والروعة والكبرياء والشموخ والحضارة والتاريخ منذ بداية الحضارات كانت ومازالت نبع كل الحضارات الإنسانية .. وبها عراقة رجال حفروا ونقشوا في كل المعابد والأثار الباقية لتكون شاهد للنوبة وأصالة الجذور والانتماء